النفس تبكي على الدنيا وقد علمت إن السعادة فيها ترك مافيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الآفاق قد بنيت أمست خرابا وأفنى الموت أعليها
لاتركض إلى الدنيا ومافيها فالموت لا شك يفنينا ويفنيها
لكل نفس وإن كانت على من المنية آمال تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبضها والنفس تنشرها والموت يطويها
إن المكارم أخلاق مطهرة الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أني لا أصادقها ولست أرشد إلا حين أعصيها
وأعمل لدار غداً رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
أنهارها لبن محض ومن عسلٍ والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة تسبح الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها بركعة في ظلام الليل يحييها